القائمة الرئيسية

الصفحات

عوض عمر يكتب : الهرولة إلى جوبا


*الهرولة* *إلى* *جوبا* *!*


____________________



// _عوض عمر_ 


🖌️ لا أدري ما هي سر العلاقة بين التنظيمات السياسية السودانية وبين كل من مصر وجنوب السودان، لا يمضي اسبوع او على أقل تقدير شهراً واحداً إلا وشهدنا عدداً من رؤساء الأحزاب السياسية والحركات المسلحة الموقعة وغير الموقعة على اتفاقية جوبا وقيادات الجيش قد يمموا وجههم شطر مدينة جوبا، وربما تحتاج إلى آلة حاسبة لرصد وإحصاء تلك الرحلات والزيارات المكوكية التي يقومون بها وكأنما يعاودهم الحنين إلى ايام الوحدة، تلك الحقبة المليئة بالمآسي والآلام بالنسبة للشعب السوداني بفعل السياسات العقيمة والقاتلة و الممارسات غير المسؤولة من قبل الساسة في بلادي. 

يظن الفرقاء السياسيين في السودان، و إنّ بعض الظن إثم، إن بإمكان جمهورية جنوب السودان ان تلعب دوراً في حل الأزمة المستفحلة التي يعيشها السودان بسبب الحرب التي اندلعت في ١٥ أبريل ٢٠٢٣م، دون أن يكلف أحدهم نفسه ولو في لحظة صفاء بالتأمل في الظروف الإستثنائية التي يمر بها جنوب السودان.

 إن التعويل على جنوب السودان و رئيسها سلفاكير في نزع فتيل الأزمة في السودان يؤكد جهل القيادات السياسية بالواقع الذي يعيشه جنوب السودان والمتغيرات التي طرأت عليها منذ أن نالت استقلالها في التاسع من يناير ٢٠١١، ونحن لم نقل ذلك من باب الكيد السياسي او الخصومة الفاجرة او التقليل من دور جنوب السودان و التنكر لتاريخها في دعم الحركات المسلحة ومساندتها في نضالها ضد النظام البائد، فضلاً عن دورها في توقيع إتفاقية السلام الموقعة في جوبا، فهي نفسها غارقة في محن ومصائب يرثى لها وتدعو للشفقة عليها ، و بحاجة إلى مساعدة الآخرين وكذلك هي ممزقة اجتماعياً بسبب الحرب التي اندلعت فيها بعد أقل من ثلاث سنوات من استقلالها عن السودان، تلك الحرب التي أثارت الشكوك حول برنامج السودان الجديد وافقدها بريقها وجاذبيتها، واهتزت ثقة القاعدة الجماهيرية في القائمين على أمرها وأصبح الكثيرون يرون أنها مجرد شعارات ظلت تتسلح بها الحركة الشعبية طيلة سني صراعها المسلح مع كل الأنظمة التي مرت على الحكم؛ ما لبث ان اثبتت الايام فشلها. كما أن جمهورية جنوب السودان تعاني من أزمات سياسية بسبب الانقسام الحاد وسط احزابها السياسية على أسس قبلية وجهوية موروثة منذ ايام النضال ضد الحكومات المركزية في السودان، أضف إلى ذلك انها تعاني من أزمة إقتصادية بسبب غياب المشروعات الاقتصادية الحيوية بسبب الحرب بين الشمال والجنوب منذ الاستقلال، واعتمادها على انتاج البترول ذات الكميات المحدودة كمصدر وحيد للدخل وانتاج البترول نفسه أصبح يترنح منذ اندلاع الحرب في ما تبقى من السودان الشمالي و تأثر خطوط إمداد النفط وتدمير مصفاة الجيلي. 

إن جنوب السودان لا تملك أدوات و وسائل ناعمة أم صارمة للضغط على الأطراف المتنازعة لإجبار هم على القبول التسوية السلمية للأزمة كما أنها لا تمتلك الإمكانات الاقتصادية الكفيلة بتحفيز الأطراف على المضيٌ قدماً في ترجيح كفة خيار السلام، فقد سبق لها ان استضافت في العام ٢٠٢٠م المفاوضات بين حكومة الفترة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح في دارفور و الحركة الشعبية قطاع الشمال ورغم وصول الطرفين إلى اتفاق للسلام في أكتوبر إلى أنه ظل حبيس الادراج ولم ينفذ منه سوى البند المتعلق بقسمة السلطة و تقلد بعض أطراف الاتفاق مناصباً في الدولة و تكررت زياراتهم لجوبا أكثر من تلك المناطق التي قاتلوا من أجلها ولم ينفذ الطرف الحكومي شي من البروتوكولات الأخرى وكي يقوم بتمييع الاتفاق وتعقيد المشهد السياسى لخلق واقع جديد، ادخل قادة الانقلاب السودان في حرب عبثية حتى اختلط الحابل بالنابل وبات الكل يسعى لإنقاذ السودان وتعذر المطالبة بل الحديث عن تنفيذ اتفاق جوبا. 

و وقفت الدولة الراعية حائرة عاجزة وتعبر عن أسفها فقط عن ما يجري من تطورات. 

وفي كل زيارة يؤكد الرئيس سلفاكير للزائرين حرصه على وحدة ما تبقى من السودان و ضرورة إيقاف الحرب وعودة النازحين اللاجئين إلى ديارهم، بعد أن تناسى هو نفسه مأساة نازحي جنوب السودان في النيل الأبيض والخرطوم. ومن سخرية الاقدار ان تبحث القوى السياسية السودانية المؤمنة بالديموقراطية عن دعم التحول الديموقراطي في دول لا يؤمن زعماءها اصلاً بالديموقراطية والتبادل السلمي للسلطة. 

هكذا بدت الزيارات الخارجية التي يقوم بها جميع أطراف الأزمة في السودان بلا،جدوى رغم أن بعضها تبحث عن حلول سلمية للأزمة السياسية، ولكن يصنف بعضها في خانة العلاقات العامة و بعضها في خانة البحث عن تعزيز النفوذ السياسي والعسكري لإشعال الحروب وتدمير ما تبقى من السودان وتشريد اهله.




 *٥/فبراير/* *٢٠٢٤م* 

___________________

تعليقات

التنقل السريع