القائمة الرئيسية

الصفحات

عوض عمر يكتب : الأزمة السودانية و تعدد المبادرات الخارجية (١-٢)

الأزمة السودانية و تعدد المبادرات الخارجية (١-٢)
____________________


// _
عوض عمر



  🖋️ ما أن تفجر الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل ٢٠٢٣، حتى سارعت العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، لا سيما مجلس الأمن الدولي إلى عقد اجتماعات طارئة أمنت فيها إلى ضرورة إيجاد حلول سلمية للأزمة في السودان و ناشدت طرفي النزاع إلي إيقاف الحرب وتغليب لغة الحوار لنزع فتيل الأزمة وتجنيب السودان الانزلاق في حرب أهلية لا تبقى ولا تذر، لكن تلك النداءات قد وقعت على آذان صم، فطرفي الصراع لا يسمعان إلا ما يقولان ولا يقرآن إلا ما يكتبان . 

لقد كان الرهان على الحلول العسكرية سيد الموقف، حيث ظن كل طرف إن بإمكانه إنزال هزيمة عسكرية بخصمه والقضاء عليه، لكن يبدو أن تقديرات الطرفين لم يكتب لها النجاح، ومع اشتداد المعارك في الشهر الأول للحرب مع ما صاحبته من مآسي و معاناة إنسانية و أوضاع كارثية، اشفق عليها العدو قبل الصديق ، تدخلت منظمة الايقاد وقدمت مبادرتها الداعي للحوار وإيقاف الحرب ، فرفض الجيش تلك المبادرة بينما قبلت بها الدعم السريع تكتيكياً لإحراج الجيش أمام العالم وتصويره باعتباره الطرف المسؤول عن استمرار الحرب .

 وفي أعقاب رفض الجيش مبادرة الإيغاد، إزدادت وتيرة العنف بين الطرفين مما أثار حفيظة المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية وخصوصاً محكمة الجنايات الدولية، فدفعت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية بمقترح لوقف إطلاق النار في السودان، واستضافت جدة المحادثات في يونيو الماضي ولم يتوصل الوفدان إلى اتفاق يفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار واكتفى الوفدان بعقد عدد من الهدن القصيرة الأمد لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين داخل العاصمة الخرطوم ، كان أولها في نهاية يونيو الماضي للسماح للمواطنين بقضاء عطلة عيد الأضحى المبارك، ثم اعقبتها هدنة أخرى، وسرعان ما انهارت هذه الهدن بسبب غياب آلية للمراقبة وفي غيابها لم يلتزم الطرفان بها، وفي المقابل اشترط الجيش انسحاب الدعم السريع من منازل المواطنين لمواصلة التفاوض وهو الأمر الذي حدا بوفد القوات المسلحة للانسحاب منبر جدة وتوقفت المفاوضات .


 واستمر القتال بين الطرفين ولا صوت يعلو فوق صوت البندقية و تسيّد الدمار والخراب المشهد السوداني، حيث صاحب القتال عملية نزوح كثيفة للمدنيين من العاصمة الخرطوم إلى الولايات التي تقع وسط السودان والتي تشهد استقراراً نسبياً، في حين شهدت دول الجوار السوداني تدفقاً للاجئين السودانيين وخصوصا مصر وتشاد و أثيوبيا مما شكل ضغطاً على الموارد المحلية لهذه الدول، التي هي نفسها تعاني من أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية، وخشيةً من تداعيات الأزمة على مجمل الأوضاع الداخلية وتسرب التنظيمات الإرهابية ، تقدمت مصر بمبادرة، جمعت حولها دول جوار السودان


 فعقدت هذه الدول اول اجتماع لها بالقاهرة في سبتمبر الماضي، ثم تلي ذلك اجتماع آخر لهذه الدول في جمهورية تشاد، ويبدو أن هذه الاجتماعات ربما اصطدمت بتباين الرؤى حول سبل إيقاف الحرب ولذلك لم تستطيع أن تضع خارطة طريق لحل الأزمة وسحب البساط من تحت أقدام منبر جدة ومبادرة الإيغاد، وأخيراً اضمحل دور هذه الدول لأسباب مختلفة وربما كانت الدعوات التي تنادي بدمج هذه المبادرات وتوحيدها في مبادرة واحدة هي واحدة منها ٠



وقد شهدت كل هذه التطورات غياباً تاماً لأطراف اتفاقية السلام الموقعة في جوبا، حيث أصبح موقفها حرجاً في هذه الأزمة باعتبارها شريكة في حكومة الأمر الواقع ، كما أنها تعانى من انقسامات داخلية بسبب تباين مواقفها منذ أيام المفاوضات بجوبا ثم انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٣، مروراً بالاتفاق الإطاري. 


و مع تفاقم الوضع الإنساني وعجز الطرفين على الحسم العسكري ، و الإدانات الدولية والإقليمية لانتهاكات حقوق الإنسان التي صاحبت الحرب، عاد الاتحاد الافريقي للواجهة مرة أخرى وعقد موسى فكي رئيس مجلس السلم والأمن التابع للافريقي عدة لقاءات مع منظمة الايقاد ممثلة في الآلية الرباعية التي أوكلت إليها مهمة الاتصال بالطرفين .


وقد سبق أن إعترض السودان على رئاسة كينيا لهذه آلية متهمة إياها بموالاة الدعم السريع بسبب الزيارات المتكررة إلى كينيا التي يقوم بها كل من يوسف عزت مستشار حميدتي وعبد الرحيم دقلو قائد ثاني قوات الدعم السريع.


 انخرطت سكرتارية الايقاد في اجتماعات دورية متواصلة للبحث عن مخرج للسودان من هذة الأزمة وأجرت اتصالات مكثفة مع طرفي الأزمة في محاولة منها لتفكيك مفاصل العجز ، فضلاً عن اتصالا مع بعض القوى المدنية ممثلة في تحالف الحرية والتغيير - المركزي التي أنشأت جبهة مدنية جديدة أطلق عليها اسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ( تقدم).



عاد وفد الجيش إلى منبر جدة مرة أخرى تحت الضغوط الدولية والإقليمية وبعد عدة جولات توصل الوفدان إلى اتفاق حول الملف الإنساني وبعض التدابير لبناء الثقة بينها وفشلا في الالتزام بتنفيذه.


فعلقت الوساطة الأمريكية السعودية المفاوضات بين الطرفين دون أن تقدم أي توضيحات بذلك ٠



وفي بداية ديسمبر، وضمن زياراته لدول جوار السودان، زار عبد الفتاح البرهان جيبوتي واجتمع برئيسها وهو رئيس الدورة الحالية للإيغاد ، تناول الجهود المبذولة لإنها الحرب وإحلال السلام في السودان، وفي التاسع من الشهر نفسه عقدت المنظمة قمة طارئة بشأن السودان وخرجت بنتائج إعترض عليها السودان و رفض الاعتراف بها.



    *٢٤/ ديسمبر/ ٢٠٢٣* 



____________________

تعليقات

التنقل السريع