القائمة الرئيسية

الصفحات

المقداد عبدالباقي يكتب : بين جَنَتهم و جحيم الشَّعب


✍️ #أنامل_جريئة ✍️

 #بين_جَنَتهم_و_جحيم_الشَّعب

           فقراء يبحثون عن قوت يومهم .
         أطفال مشردون لا يوجد من يأويهم
 .. 
شباب يعيش بين مطرقة الإغتراب و سندانة وطن يحتضر على مرأى من أعينهم .. 


وزراء لا يتذكرون بأنهم في السودان إلا في ذكرى الإحتفال باعياد الإستقلال في احدى الملاهي الليلة مع أُسرهم الرقيقة .. 

أجهزة عدلية و قضائية تكسب قوت يومها من مشاكل متكررة لا أحد يفكر في معالجة أسبابها ..

 لا أحد يجرئ على تهريب إبرة صغيرة عبر الحدود إلا هؤلاء المصرح لهم بتهريب عشرات الأطنان من الذهب ..

 مزارعون يتم تمويلهم بمليارات و لا أحد يسألهم عن الناتج و آخرون باعوا حقولهم ليدفعوا متبقي الضرائب .. كفاءات متميزة يفترشون الأرض لأن مواقعهم التي يجب أن يكونوا فيها قد شاء الله أن يحل محلها إبن وزير او جنرال او شخصية لها مقامها المتعارف عليه .. في الحقيقة كل ما ذكرته لا يخرج من أحدهم إلا عميلاً لدولة تريد أن تدمر السودان و شعبه أو كما يحلو لبعضكم .

  ما يحدث في بلادنا اليوم من خراب و دمار ليس غريباً و لا حتى جديداً و لكن تغيرت أدواته و أساليبه و مكانه .. و لكن ماذا كنا ننتظر غيرها يا سادة فالأمر كان مكشوفاً للجميع .

   هذه الحرب التي نعاني ويلاتها تمرد تلو تمرد لا يمكن أن نتجاهل أسبابها المتوارثة و نغطي على لهيب النيران باكوام من القش .. و بمجرد أن تظهر بريق أسنان طفلٍ في إبتسامة بريئة سُرعان ما تدوي المدافع و يقصف الطيران و يُعاد المعاد في كل عيد و كأننا في خصام مع الأمن و السَّلام .
       هناك من صور لنا أن النهب و السَّرقة و القتل و إنتهاك الأعراض هو الدافع الحقيقي لهذا التمرد الآخير .. و هذا هو لب الأزمة من منشأها و هكذا كنا نفعل على الدوام .. نتجاهل الجذور و نهتم بالقشور .. بعد كل تمرد و لو طال زمانه يتصافح القادة و يُأتى بهم مبجلين إلى كرسي القيادة و كأن شئ لم يحدث قبل قليل .. و كأن في الأمر خطة متكاملة لإعداد لتمرد آخر في عيد قريب .. هناك من يريد أن يقنعنا بأن السودان كان بالأمس جنة و اليوم أصبح جحيماً .. كيف أقنع هؤلاء بأن جنتهم تلك كان معظم هذا الشعب المقتول يتمنى أن يقطف منها ثمراً لمرة واحدة .. لسنوات عجاف يسيل لعابه كلما مرَّ بقربها .. تلك الجنة كانت ملك لأفراد بعينهم نحسِبهم إن شئنا باصابع أحدهم فقدَ نصف أصابعه في الدفاع عن من هم على أرائكتها متكئون .

  هذه الحرب التي تدور رحاها لتعرك ما تبقى من سودان بجهل أو تجاهل منكم .. أنتم من زرع بذرتها .. أنتم من سقى جذورها .. و هذا الشعب اليوم كما العادة بمختلف مناطقه و مكوناته هو من يجني ثمارها .

     نحن شعب مطالبنا ليست كثيرة نريد من أحدهم أن يضعنا فقط مقام الحمير و يوفر لينا ما استطاء من برسيم .. يعيننا على خدمة هذه البلاد و حكامها و ساساتها و تجارها العظام .
 نريد من أنظمتنا المتصارعة مع أضدادها أن تدعنا و شأننا .. أن يكفوا عن زراعة الفتن بيننا و لا يحرضوننا علينا .. نعم نحن جهلاء أغبياء .. و لكننا كرهنا الحرب يا سادة .. نريد أن نضحك مرة واحدة في حياتنا قبل أن يموت أحدنا مدحوساً في طريق بالي باحدي عربات الشرطة و هي تتطارد أحد الفقراء متهماً بتقويض النظام .
الشعوب لا تكره بعضها .. القبائل لا تحقد بعضها .. و لكن لسنا على فطرتنا لذلك نحن اليوم نفعل ،،،
  نحن لا نكيد بعضنا بل أنتم من قال ذلك ،،،
  لسنا متعصبون لقبائلنا أنتم من قام باخراج هذا المسلسل الخبيث .
    نريد أن نحقق أُمنية أطفالٍ حيارى ظلوا يشاهدونها على قنوات التلفاز يجسلون بجوار أسرهم يمرحون على الشاطئ و يتشاطرون الإبتسامات .
   نريد أن نمسح من تلك الخدود آثار دموعٍ لم تفارق الجفون لعقود طويلة .
   هذه الأرض المخضبة بالدماء نريد أن تجري وديانها بين الجِّنان حَباً و نسماً .
 هذه الأيادي الفتية نريدها أن تزرع فتسد حاجاتنا الطبيعية .. أن تصنع و تبني و تشيد و هي الأقدر على ذلك .


هذه الشجاعة نريدها أن تكون بوادر تحمي أحلامنا أن تُغتصَب و حقوقنا أن تنهب و أعراضنا أ تنتهك .


  هذا الإختلاف و التعدد يجب أن يكون فرصة للتكامل و التآلف .. للنقد البناء و الإصلاح للتتطور و التقدم .



     كيف تتوقف هذه الحرب .. هو سؤال تعرف إجابته تلك الجهات المعنية .. هي ستفعل إذا أرادت و لكن في الأمر إستدعاء للشجاعة و استحضار للمسؤولية و إستشراف للمستقبل و إنكار للذات و تأديب للأنا .. حينها الأمر سهلاً أن يكون .



    نعم يجب حسم التمرد أياً كان مصدره و دوافعه و هذا شأن عسكري أمني يحتاج إلى قيادة قوية و رشيدة و لكن لا يجب على أي حال أن نتجاهل أسباب التمرد و نغطي عليها بما خلفته الحرب .. فقدنا الكثير و لكن لا يجب أن نفقد أكثر مما فقدنا و نكرر المكرر في مستقبل كأنه توأم الحاضر لا يفارقه إلا قليلاً .

    و آخيرا هناك نقطة مهمة تُمثل مربطاً للفرس دعونا نختم بها هذا المقال في شكل سؤال نطرحه للجميع .. هل نحن مستعدون أن نعيش في سَّلام ؟؟؟

13/1/2024 م

المقداد عبدالباقي Almigdad Abdoalbagi

تعليقات

التنقل السريع