قمة القاهرة تمثّل فرصة جديدة من أجل فتح الحوار حول قضايا السلام والإستقرار والتنمية الشاملة لدولة السودان والمنطقة بأكملها، والحكم علي مدى نجاح القمة يتوقف علي البيان الختامي رغم المؤشرات التي تشير للنجاح المنشود؛ فهذه القمة تمتلك مفاتيح لحل تلك الأزمات، "وهو الأمر المُراد" أو قد تُأزّم الازمة "وهذا ما لا نريده" والإحتمال الأخير حادث إن لم تُبَدّل المنهجية التي إعتمدتها بعض دول الإيغاد آنفاً وطوال الفترة الماضية من لدن قمم جيبوتي وأديس أبابا وحساب ما نتج عنها بشأن رئاسة اللجنة الرباعية والملاحظات التي قدمها السودان وشرح أسبابها لهيئة الإيغاد وحكومات الدول والرأي العام المحلي والعالمي.
إن المأمول والمتوقع أن تتفهم دول الجوار مآلات الحرب وتأثيرها علي مجمل المصالح الإقتصادية والأمنية بينها والسودان، وهذا أمر يستوجب العمل بمنهج الموضوعية للتعاطعي مع هذه الأوضاع بما يضمن إحترام التقاليد والأعراف الدولية المعمول بها في فض النزاعات بين الدولة والمجموعات الداخلية أو بين دول أو إئتلاف دول في بعضها البعض، ويجب حل الأزمة السودانية طبقاً لما يحفظ السيادة الوطنية ومراعاة العهود والمواثيق الدولية التي تخول المسؤلية للحكومات في الدفاع عن بلدانها وحماية شعوبها ومصالحها دون فرض المواقف والقرارات التي تنتج حال وقوع النزاعات السياسية والثقافية الإقتصادية بسبب إختلاف المصالح والمطامع ذات الأبعاد الداخلية والخارجية.
نرى أن في بعدها داخليًا إنعكاسًا لمطامع التملك والسطو علي السلطة والإستعلاء علي الآخر وتبادل الظلم والظن بأن ذلك عدلاً عند البعض مما يدفع المظلوم للسير وراء الغضب أو إستمرار الظالم في إتباع أوهام السودان القديم، وهذا قاد لمحارق مستمرة عبر التاريخ ويجب علينا حميعاً إيقافها عبر الخطاب السياسي العقلاني المرجو أن يحقق الإصلاح في هياكل الدول بوضع المصالح الوطنية العليا في مقدمة الأولويات ومنها الحفاظ علي وحدتها وسيادتها ومؤسساتها العسكرية والمدنية مع إنتاج ثقافة جديدة للسلام والتصالح وبناء مجتمعات السودان الجديد.
أما خارجيًا فنرى الهدف الأساسي للصراع حول السودان هو البحث عن الموارد عبر السيطرة علي المواقع الحيوية علي الخارطة مثّل البحار والمناجم والمزارع وتقاسمها حسب قوة النفوذ، وأيضاً مسألة الحدود باعتبارها معابر لتجارة قارية كما أنها في ذات الوقت قد تستخدم مع هذا الإضطراب كممرات للهجرة الغير شرعية والإرهاب العابر للقارات نظرًا لأن السودان يمثّل "قلب افريقيا" من واقع موقعه الجغرافي وتاريخه رغم المتغيراته في العهد الحديث، وكل ذلك يوضع في الإعتبار عند قراءة الساحة السودانية الملبدة بغيوم من الأجندة الداخلية والخارجية، والفهم الصحيح لهذه القضية هو الذي ينتج الحلول السليمة للأزمة، وهذه مقدمة إستعراضية تحمل تنبيهات للنظر في الأسباب والدوافع والمطامع التي من خلف ستارها أشباح الأشرار يعملون لخنق الدولة وإستلاب مواردها بعد إنتزاع سيادتها وقرارها وهذا الأمر لا يمكن قبوله أبدًا.
*13 يوليو - 2023م*
تعليقات
إرسال تعليق