القائمة الرئيسية

الصفحات

سعد محمد عبدالله يكتب : تعليقاً علي العلاقات الإستراتيجية بين الخرطوم وجوبا والنيل الأزرق وبني شنقول-قمز



**

تنشأ العلاقات عادةً، وكما هو الآن بين الدول والأقاليم نتيجةً لعوامل كثيرة أساسها التفاؤل مع الأوضاع السياسية والإقتصادية والأمنية والثقافية، ويكون التعاون فيها أداة تستخدم لتحقيق الكثير من المصالح المشتركة الآنية والمستقبلية "حسب مجالاتها"، وقد نشأت علاقات إستراتيجية بين الخرطوم وجوبا من جانب والنيل الأزرق وبني شنقول-قمز من جانب آخر؛ وكلاها علاقات متينة وآخذة في التطور والإزدهار نسبةً لتاريخ كبير يجمع شعوب تلك العواصم والأقاليم في المجالات الثقافية والإقتصادية سيما تقاسمها حدود جغرافية ممتدة، ولا يمكن تحقيق مصالح شعوبنا إلا عبر إحياء الوشائج التاريخية برؤية تعاونية جادة وهادفة تمكنا من بناء جسر للعبور إلي المستقبل المشترك، وشاهدنا تطور التواصل والتعاون النقلات المهمة بين دولتي السودان وجنوب السودان وإقليمي النيل الأزرق وبني شنقول-قمز خلال الفترة الأخيرة، وأعتقد أن السير في هذا الإتجاه هو الأصح والأنفع للجميع، وسيكون ناتج العلاقة مفيدًا ومثمرًا لشعوب المنطقة، ويسهل ذلك تأمين الحدود والتبادل التجاري وإستقرار شريط عريض يعيش تحت ضغط مخاطر جمة في قلب القارة الأفريقية.

إن العلاقات السودانية والجنوب سودانية القائمة حاليًا تحتمها وحدة ضمائر ومصائر شعوب البلدين، وتمر الآن بمرحلة مزدهرة تتمظر في تواصل الزيارت المتبادلة بين قادة البلدين، وهذا دون إسقاط النظر عن التداخل بين الثقافات والمجتماعات، وكذلك التطور الملحوظ الذي تشهده ملفات السلام والتجارة والبترول ومسألة أمن الحدود التي تفرضها وقائع وشواهد كثيرة وشراكة إدارة منطقة أبيي الحدودية التي تمثّل للجميع "شريان الحياة" وغيرها من القضايا ذات الأهتمام المشترك، ويجب علينا جميعاً العمل بجدية علي تقوية وترقية هذه العلاقات الإستراتيجية بتوطيد صلة التواصل والتعاون في المجالات السياسية والإقتصادية والأمنية والثقافية ودفعها لصالح الشعبيين الشقيقيين؛ كما المساهمة الإيجابية في إرساء دعائم إستقرار وإزدهار البلدين.

الجانب الآخر من هذه اللوحة يعطينا مشهدًا مميزًا للعلاقات التي نشأت وتطورت بين إقليم النيل الأزرق في السودان وإقليم بني شنقول-قمز في أثيوبيا، وهذه العلاقة تحكمها حدود مشتركة ومصالح إقتصادية وثقافية وأمنية نمت عبر التاريخ، وقد بدأت عملية تنظيم العلاقة بين الإقليميين المتجاوريين بزيارة الفريق أحمد العمدة حاكم النيل الأزرق في العام 2021م إلي بني شنقول-قمز، وتم عقد النسخة الأولى من مؤتمر تنمية وتطوير العلاقات الحدودية بين الإقليميين، وأعقب ذلك التوقيع علي إتفاقيات مختلفة، وفي هذه الأيام إستقبل إقليم النيل الأزرق الأستاذ الشازلي حسن حاكم إقليم بني شنقول-قمز بغية عقد النسخة الثانية من مؤتمر تنمية وتطوير العلاقات الحدودية، وأعتقد أن هذا التواصل يؤكد إدراك الحُكام والمسؤليين في الإقليميين بأهمية بناء حزام أمان صلب يقاوم التحديات الماثلة ويوفر درجة من الإستقرار لبلوغ التنمية والإزدهار للشعبيين، وسوف يكون لذلك الأمر آثار إيجابية ليس لتلك الأقاليم فقط بل يمتد لصالح السودان وأثيوبيا والقرن الافريقي.

*1 مارس - 2023م*

تعليقات

التنقل السريع