القائمة الرئيسية

الصفحات

سفير أميركي جديد يصل إلى الخرطوم وسط توتر في العلاقات



_________________________________

 وصل مسؤول ملف الإرهاب السابق في الخارجية الأميركية، جون غودفري، اليوم الأربعاء، إلى الخرطوم، لتسلم منصبه الجديد كأول سفير لبلاده لدى السودان بعد 23 عاما من خفض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.

ويأتي تسلم غودفري لمهمته فيما يشهد السودان أوضاعا سياسية معقدة؛ كما يأتي بعد أسابيع قليلة من تمرير المشرعين الأميركيين قانونا يدين الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.

 ويطالب القانون بفرض عقوبات على متخذي تلك الإجراءات وعدد من الشخصيات المتعاونة معهم.

وحتى تعيينه سفيرا لبلاده لدى السودان، كان غودفري الذي يتحدث اللغة العربية بطلاقة، يشغل منصب القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب والمبعوث الخاص بالإنابة للتحالف الدولي لمكافحة “داعش” في مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية.

كما شغل منصب المستشار السياسي في سفارة الولايات المتحدة في الرياض، ورئيسا لموظفي نائب وزير الخارجية، وعمل كمستشار سياسي واقتصادي في سفارة الولايات المتحدة في تركمانستان ومسؤولا سياسيا قنصليا في سفارة الولايات المتحدة في دمشق.

وشهدت العلاقات السودانية الأميركية توترا شديدا منذ انقلاب الرئيس المعزول، عمر البشير، في العام 1989، وزاد التوتر أكثر في مطلع تسعينيات القرن الماضي على خلفية اتهامات أميركية لنظام البشير بدعم الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان والتورط في جرائم حرب وقتل للمعارضين.

♦️علاقة متقلبة♦️

ومنذ استقلال السودان في العام 1956 مرت العلاقات بين البلدين بثلاث مراحل، شهدت الأولى الممتدة بين عامي 1960 وحتى 1989 استقرارا غلب عليه التعاون المباشر في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية مع فترات ركود نسبية في أعقاب حرب 1967.

وتميزت المرحلة الأولى بعلاقات دافئة غلب عليها عنصر التعاون العسكري والاقتصادي. وفي العام 1961 كان الرئيس الراحل إبراهيم عبود أول رئيس سوداني يزور البيت الأبيض بعد الاستقلال والتقى بالرئيس كينيدي.

 وخلال السنوات الست التي أعقبت تلك الزيارة استمرت العلاقة على وتيرة ثابتة تصدرت فيها الولايات المتحدة قائمة الدول الداعمة للسودان في المجالين الاقتصادي والعسكري.

وفي العام 1967، حدث تحول مهم في العلاقة عندما أعلن السودان الحرب على إسرائيل وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، واستمر الحال على ذلك المنوال حتى العام 1971، عندما سعى الرئيس الراحل جعفر نميري إلى تحسين العلاقة مع واشنطن في أعقاب محاولة انقلابية للإطاحة به قيل إنها مدعومة من الاتحاد السوفيتي.

وتطورت العلاقات أكثر بعد أن قدمت الولايات المتحدة المساعدة لإعادة توطين اللاجئين في أعقاب تسوية السلام مع المتمردين الجنوبيين في العام 1972.

 ومرت العلاقة بتعثر جديد في العام 1974 عندما سحبت الولايات المتحدة الأميركية سفيرها من الخرطوم احتجاجا على إطلاق حكومة نميري سراح فلسطينيين من منظمة “أيلول الأسود” تورطوا في اغتيال السفير الأمريكي كليو نويل ونائب رئيس البعثة كورتيس جي مور في الخرطوم في مطلع مارس 1973.

وفي العام 1976 شهدت العلاقة تحسنا ملحوظا عندما توسط الرئيس نميري في إطلاق سراح 10 رهائن أميركيين محتجزين من قبل المتمردين الإريتريين في معاقل المتمردين في شمال إثيوبيا. وفي العام نفسه في استأنفت الولايات المتحدة المساعدة الاقتصادية للسودان، وظل السودان منذ ذلك الحين وحتى انقلاب البشير في 1989 أكبر متلقٍ للمساعدات الأميركية التنموية والعسكرية في إفريقيا.

♦️الانقلاب والتوتر♦️

أما المرحلة الثانية والتي استمرت منذ انقلاب المعزول عمر البشير في 1989 وحتى نجاح حراك ديسمبر في أبريل 2019، فقد كانت أسوأ مراحل العلاقة على الإطلاق وشهدت وضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب في العام 1997، بعد أن تحولت الخرطوم إلى مركز لشخصيات وجماعات إرهابية على رأسها أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.

وتزايد التوتر مع الولايات المتحدة في مطلع التسعينيات عندما أعلن البشير وأتباعه شعارات معادية للولايات المتحدة في إطار حرب وصفت بـ”الجهادية” في جنوب البلاد، وبسبب ذلك سحبت الولايات المتحدة عددا من دبلوماسييها ورعاياها من الخرطوم، وصنفت السودان كدولة راعية للإرهاب.

وتبع ذلك تعليق عمليات السفارة الأميركية في الخرطوم في العام 1996، وفي أكتوبر 1997، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية شاملة على السودان.

وبعد عام واحد من ذلك شنت الولايات المتحدة ضربات بصواريخ كروز على مصنع للأدوية في وسط العاصمة الخرطوم على إثر اتهام بتصنيع أسلحة كيماوية.

وبسبب استمرار انتهاكات نظام البشير ضد المدنيين خلال حرب دارفور التي اندلعت في العام 2003، فرض الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عقوبات اقتصادية جديدة على السودان في مايو 2007.

ومنعت العقوبات أصول المواطنين السودانيين المتورطين في أعمال العنف في دارفور، وفرضت أيضًا عقوبات على شركات إضافية تملكها أو تسيطر عليها حكومة السودان.

♦️عهد جديد♦️

شهدت المرحلة الثالثة التي أعقبت الإطاحة بنظام المعزول عمر البشير في أبريل 2019، مرحلة جديدة في العلاقة، حيث أعلنت واشنطن تأييدها ودعمها للتغيير الذي حدث في البلاد.

وفي ديسمبر 2019، قام رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، بزيارة لواشنطن، يعتقد المحللون بأنها كانت بمثابة تحول جذري في العلاقة بين البلدين، حيث استطاع حمدوك خلال الزيارة تحريك الكثير من الملفات العالقة؛ وأثمرت تلك الزيارة بالفعل عن رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.

وفي أغسطس 2020، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، رفعها القيود عن تعاملات الأميركيين المالية مع السودان؛ وكانت هذه الخطوة هامة لمساعدة الخرطوم على تخطي الصعوبات التي تواجهها بسبب تلك القيود.

لكن العلاقات عادت للتوتر مرة أخرى في أعقاب الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر والتي أطاحت بحكومة حمدوك وأنهت الشراكة التي كانت قائمة بين المدنيين والعسكريين منذ إسقاط نظام البشير.

 وأوقفت الولايات المتحدة كافة مساعداتها المالية للسودان وربطت عودتها باستعادة المسار المدني، فيما أجاز الكونغرس في وقت سابق مشروع قانون يعترف برئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك ووزراء حكومته؛ ويدين إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر.

ودعا القرار إلى العودة إلى الحكم الدستوري بموجب الدستور الانتقالي المجاز في أغسطس 2019 وتسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين.

وشدد القرار على ضمان احترام قوات الأمن للحق في الاحتجاج السلمي ومحاسبة من استخدموا القوة المفرطة وارتكبوا انتهاكات أخرى في عملية شفافة وذات مصداقية.

وطلب القرار من وزير الخارجية الأميركي تحديد قادة الجيش والمتواطئين معهم للنظر في فرض عقوبات مستهدفة؛ ومراقبة وتثبيط وردع أي محاولات تقوم بها أطراف خارجية لدعم قادة الجيش.

ووفقا للقرار، فإن على وزارة الخارجية التنسيق مع مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والوكالات الحكومية الفيدرالية الأخرى لوقف جميع المساعدات الثنائية غير الإنسانية المقدمة إلى السودان حتى استعادة النظام الدستوري الانتقالي؛ ومع وزارة الخزانة لضمان تصويت الولايات المتحدة في المؤسسات المالية الدولية لصالح تعليق الإجراءات المتعلقة بمنح القروض او الإعفاء منها.##


تعليقات

التنقل السريع