القائمة الرئيسية

الصفحات

🔴🔴 ‎عبد الحفيظ مريود ‏:



رؤيا
عبد الحفيظ مريود
الأقبحُ من الذنب
 لم يعُدْ سرّاً، ولا خافياً أنَّ هناك نيّةً مكينةً لدى الحكومة والحاضنة السياسيّة فى تأجيل الإنتخابات أو إلغائها، مرّةً واحدة. نقلتْ تصريحاتٌ صحفيّة أنَّ القيادىَّ بالحزب الشيوعىّ محمود صالح قال إنَّ هناك موانع. وتعبير "موانع" هو من عندى، وليس فى أصل التصريح. فقد قال إنَّ الأوضاع المتدهورة فى دارفور، جبال النّوبة، والنّيل الأزرق تجعلُ من العسير إجراء إنتخاباتٍ تكون نتيجتها برلماناً قوميّاً. مما يعنى أنَّ على الجميع الموافقة على تأجيل الإنتخابات حتّى يتحسّن "التدهور" فى المناطق المذكورة، لنحصل على برلمانٍ قومىّ، وبالتّالى فإنَّ مسكوت التصريح هو : أنَّ الوضع سيظل كما هو، ربّما نجرى بعض الإصلاحات، لكنْ لن يكون هناك ما يشفى صدور المنتظرين للشرعية الإنتخابية.
 ذاتُ "التدهور" هو ما سيجعلُ المجلس التشريعىّ الإنتقالىّ، المؤجّل تشكيلُه، عسيراً، لأنّه لن يحقّق "القوميّة" المطلوبة. ويمكنُ الإستعاضة عنه – فى الوقت الرّاهن – بمجلسىْ السيادة والوزراء، الذى يجرى تعريف إجتماعهما المشترك ب "المجلس التشريعىّ المصغّر". لكنْ لو سأل شخصٌ ما، ناطقَ الحزب الشيوعىّ، والقيادىّ به، عن هذا التدهور الذى سيعيق تحقيق البرلمان القومىّ، ومتى وكيف ينتهى، وما هى أدوات قياس اللاتدهور المؤهّلة للإنتخابات، سيجدُ الإجابة التأريخيّة الغارقة فى التلاعب السياسىّ "حتّى تنتهى آثار الحرب، ويعود كلُّ اللاجئين والنّازحين إلى مناطقهم". 
 حسناً...من كلّ مساحة جنوب كردفان، وليس كردفان كلّها، لا تشكّل "المناطق المحرّرة" التى يسيطرُ عليها عبد العزيز الحلو إلّا 3%. ومن كلّ مساحة إقليم دارفور، لا تشكّل مناطق عبد الواحد محمّد نور إلّا 2%، بمعنى أنَّ المنطق الذى بموجبه يتمُّ تأجيل الإنتخابات هو تغليب الطارئ على العادىّ والطبيعى، النّظر إلى مصالح الأقليّة، عِوَضاً عن إرادة الأغلبية، تعميم الشاذ والقياس عليه، بدلاً عن إجتراح رؤىً وحلول تتعامل مع المناطق المتعذّر إجراء إنتخاباتٍ فيها وفقاً لشروطها الظّرفيّة، وهى – قطعاً – تأسيساتٍ خارجة عن المنطق الرّصين، ومنحازةٌ بشكلٍ سافر إلى تسفيه إرادة الأغلبية والإستمرار فى سرقة رغباتها.
 يمكنُ إجراء الإنتخابات، وفقاً للفترة المنصوص عليها، عقب تكوين مفوضيتها، وضع قانونها واستيفاء إستحقاقاتها، فى المناطق التى لا تشهد "تدهوراً"، وهى بقية أجزاء السُّودان، فيما يتمُّ تأجيل إجرائها فى "المناطق المحرّرة"، حتّى يُعَادَ إستعمارُها، مرّةً أخرى، بواسطة حكومة السُّودان، التى ستكونُ – خلال هذه الفترة – منشغلةً بتحقيق السّلام مع عبد الواحد نور وعبد العزيز الحلو، هذا إذا لم يكنْ من ضمن شروطهما، تمديد أجل الفترة الإنتقاليّة، لتبدأ من تأريخ التوقيع، والذى سيكون فى الغالب فى الأوّل من يناير 2025م.
 على أيّة حالٍ، يبدو أنَّ كلَّ المخاوف هى حرثٌ فى البحر. إذْ لا تُشيرُ تصريحاتُ القياداتُ الحزبيّة المشكّلة للحاضنة السياسيّة للحكومة الإنتقاليّة إلى أىّ نيّة قريبة، أو بعيدةٍ، فى وضع أسس الإنتقال السلس نحو إستكمال عملية التحوّل الدّيمقراطىّ. كما لا يظهرُ من مسار الحكومة المتثاقل فى كلّ شيئ، أىّ خطوات باتجاه إثبات أنَّ الإنتخابات أولويةً، بأىّ حال من الأحوال. مثلها مثل مسألة المجلس التشريعىّ الإنتقالىّ، فهى – بطرقةٍ أو أخرى – ستكونُ مهدّداً من مهدّدات استمرار الحكومة الإنتقاليّة، التى وضح أنّها وضعتِ السُّودان فى مساراتٍ مختلفةٍ، لا تستطيعُ إلّا أنْ تستكملها، كحكومةٍ منتخبة، وليستْ إنتقاليّة، بحال.

تعليقات

التنقل السريع